الدعاء-مدخل

مدخـــــل

الحمد لله حمدا طيبا مباركا فيه ، كما يحب ربنا ويرضى وكما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه الحمد لله حمدا كثيرا ملئ السموات وملئ الأرض وملئ ما بينهما وملئ كل ما شاء من شيء بعد ، الحمد لله حمدا لا ينقطع ولا يفنى،عدد ما حمده سبحانه الحامدون وعدد ما غفل عن ذكره جل جلاله الغافلون الحمد لله الذي تصير إليه الأمور سبحانه وتعالى لا تنقضي نعمه ولا تحصى على مرّ الدهور، سبقت رحمته غضبه من قبل خلق الأيام والشهور، يتوب على من تاب ويغفر لمن أناب ويجبر الكسور، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جعل الظلمات و النور،خلق سبع سموات طباقا ما ترى فيها من تفاوت أو فتور، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله بدر البدور كامل النور المرفوع ذكره في القرآن والتوراة والإنجيل والزبور،المزمل بالفضيلة والمدثر بالطهر والعفاف والمجرد من كل الشرور، سيّد الخلق أجمعين و خير من مشى على الأرض و خير من وطأت قدماه هذه الأرض،خاتم الأنبياء و إمامهم و شفيع العالميــــن.

محمدا بن عبد الله الرحمة المهداة والنعمة المسداة للخلائق أجمعين، وأشهد أن ربه بعثه بالإيمان مناديا و إلى الصراط المستقيم هاديا و إلى جنات النعيم داعيا و بكل المعروف أمرا و عن كل منكر ناهيا فأحيا القلوب بعد موتها، وألّف بينها بعد شتاتها وجاهد في سبيل ربّه حق جهاده بالحكمة والموعظة الحسنة حتى أتاه اليقين، فصلّوا عليه وسلّموا تسليما،اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صلّيت على إبراهيم و على آل إبراهيم و بارك على محمد و على آل محمد كما باركت على إبراهيم و على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد،أمّا بعد: يقول الله تعالى « وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعــــان» [البقرة:186].

أخي الكريم، ممّا لا شك فيه أننا نعيش زمان طغت فيه الماديات والأمور الدنيوية علينا، وغلبت الدنيا على نفوسنا،وانشغلنا بها إلى درجة فظيعة حتى أصبح الفرد منا يجري وراء شهواتها بكل ما أوتي من قوة، ويقضي جل وقته في قضاء حاجيات هذه الدنيا الزائلة وإن استعصى عليه أمرا فإنه يلجأ و بكل الوسائل و الطرق إلى إيجاد حل و مخرج لأمره، وبجميع الأساليب حتى إن تطلب منه ذلك كل ما يملك وأعــــــز ما يملك أو حتــــــــى التخلـــــي أو التنازل عـــــــن بعض مبادئه.

لكن وفي غالب الأحيان لا يجني هذا المسكين سوى التعب الذي يزيد لهمّه هما آخرا،بل أحيانا يزج به هذا التعب في متاهات هو في غنى عنها تتنافى مع القيم الأخلاقية لديننا الإسلام،و كل هذا بالتأكيد نتيجة التجاهل لفطرتنا التي فطرنا عليها بأن الإنسان ضعيف ولا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا، وخير ذليل على ضعفه هذا هو أن أقل ألم يصيبه يذهب صوابه وراحته واطمئنانه ويصبح في أمس الحاجة إلى ما يذهب ويزيل عنه هذا الألم أو يثبته على تحمل الآلام و المتاعب، وأمام تأثير هذه الأحوال لا بد له من قوة أكثر وأقوى وأعلى منه يلجأ إليها كي تزيل عنه كل هذا،أو تمده بالصبر والثبات،فنجده يتوه في متاهات هذه الحياة بحثا عنها و يغفل على أن القوة الوحيدة التي يمكنها أن تفتح له الأمل وتعينه على ما نزل به لا تكون ولا يستطيــــــع أن يستلهمهـــا إلا بالاتجاه إلـــــــى خالقه ومدبـــــــر أمــــــــره الله سبحانه و تعالــــــــى.
وما هذه الغفلة إلا نتيجة التجاهل و الابتعاد عن منهج ديننا و محاولة الاستغناء عن إحدى ركائزه المتينة وهــــــو الدعــــــــــاء، ســـواء كان هـــــــذا الاستغناء عـــــــــــن قصـــــــد أو عــــــن غيــــر قصـــــد.

فالمسلم الحقيقي هو الذي يرجع كل أمره لله خالقه و يتوب إليه معترفا بذنبه و خطئه،فكل بني آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون كما علمنا ذلك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،فما أحوجك أيها الأخ المسلـــــم إلـــــــى الدعــــــــــاء فهو الوسيلة الوحيدة التـــي تأخذ بك إلى بر الأمان وتغنيك عن كل شيء.